عمر فاخوري.. “أشياء وأشياء أخرى” في “مرفأ”
افتتح غاليري” مرفأ” معرض “أشياء وأشياء أخرى” للفنان عمر فاخوري، وتضمن مجموعة من أعماله الجديدة، من لوحات زيتية على قماش، تتمحور جلها على حقائق ووقائع من الحياة.
ويغلب على أعمال فاخوري نوع من الانكسار، حيث تتضمن عدة لوحات من لوحاته أشياء منكسرة، كأنه يلحق بها قبل زوالها، خصوصا متى كان للأشياء صلة ما بعواطف أو ذكريات.
رسم المنكسر مهما قيل فيه، تعبير بطريقة ما، عما وصلت إليه حال اللبنانيين الذين باتوا لا يعيشون إلا الأزمات والانكسارات، وليس بوسعهم عمل أي شيء استدراكاً للواقع، فلا يبقى لهم إلا التشبث بالمتوافر وبالمتبقي.
فاخوري مدرك لذلك، وبكل قناعة واعتراف، يتمسك بالبقايا من الأشياء، ويعرف أن البقايا لا يمكن حفظها، رغم ما يمكن أن تشير إليه من متاع، تتصل بطريقة أو بأخرى بحالة حنينية لم يعد ممكناً استعادتها، لذلك يجسدها رسماً كي لا تزول، فتزول عاطفة متصلة بها بزوالها.
ويقول فاخوري في حديث مع “ وكالة أنباء المحورالثقافية“: “نقلت بيوتاً واستديوهات منذ نحو عام، وعثرت في صناديق النقل على أشياء مكسورة، إما قبل عملية النقل، أو خلالها” وبسببها، كما يقول، “رحت أرسمها قطعة وراء قطعة. ثمة أغراض أخرى تكسرت بينما كنت أرسم الأشياء الأخرى، فرسمتها أيضاً”.
الأشياء التي يرسم فاخوري أجزاءها، أو بعضاً منها، ليست بالضرورة هامة، أو ثمينة، وإنما هي من الأشياء التي نواجهها في الحياة اليومية، مثل أسطوانة، أو أجزاء نظارات، أو منفضة، أو فرشاة محطمة، وهي الأشياء التي تكوّن مجموعته المسماة “شظايا” (Fragments).
ويتناول فاخوري في عمله الفني شؤون الحياة من زاوية الذكريات الدفينة للناس والأوقات، فمجموعته الجديدة تتصل بالحميمي، والشخصي مثل غَرَضٍ كسرته ابنته، أو أثرٍ من والده، أو بقيةٌ من زمن مضى، وهي تعبير عما تشير إليه، وما تمثله في عملية الرسم.
بعض اللوحات تعكس أشياء متعلقة بحدود المنزل أو الاستوديو، ومنها ما يمت بصلة للشارع، والأشياء الخارجية، حيث تتسع صلة العلاقات، والتعابير، بين الناس وبين الإشارات، كالطبيعة المدينية أو مواد بلاستيك، أو نفايات، وهذه الأشياء الحدسية تصبح هدف فاخوري الفني، وهي كأثاث مديني أو مخلوقات غريبة من بدائع الانسان، إن بالصدفة أو بالطبيعة.
ويعتبر فاخوري المدينة خشبة مسرح لما لم يعد واقعياً، وربما شاعرياً، ليؤدي عليها مشهدية مستوحاة مما اكتشفه عبر خبرته، وتجربته الناجمة عن إطلاعه على الشؤون العامة، وعلى سبيل المثال، فشقوق كرسي بلاسيتك هي عنوان الكراسي الهزازة التي ترتكز على رجل واحدة، وقد افتتن بها. وهذه المجسمات، وأمثالها لما هو رائج وعادي ومألوف في حياتنا، مع ما تحتويه من تغيرات، تصبح وسائط استخدام يومية.
يقول فاخوري عن رؤاه لأعماله: “نحن نتأثر بالأشياء وبتأثرنا، نصنع الأشياء، فغرضٌ ما يمكن أن يكون مؤثراً بسبب موقعه، وهذا الشيء هو هنا، وفي لحظة معينة وتوقيت معين من حياتنا، أي حيثما أختبر هذا الشعور والتأثير، وعند اختبار شيءٍ مؤثرٍ، فيجب أن لا يكون التوجه هو نحو ذلك الغرض بالتحديد، بل لكل الأمور المحيطة به، والتي تتضمن ما في خلفياته، وظروف وصوله إلى هذا الحال، وهذا المستوى”.
الفنان اللبناني عمر فاخوري يفتتح في غاليري” مرفأ” معرضه الجديد “أشياء وأشياء أخرى”، والمعرض يتمحور حول حقائق ووقائع من الحياة اللبنانية.